المشاركات

مصر العظيمة بمواقفها

تقاس عظمة الدول والشعوب من مواقفها اثناء المحن، وليس بالضرورة ان يكون الموقف مادياً، فالمواقف المعنوية ايضا قد تكلف الدول مكاسب او خسائر مادية كبيرة، لكن ومع هذا التحدي يبقى الاحرار قادرون على تجاوز الخلافات ووضع السياسات جانباً انتصارا للانسانية. اثناء الأزمة التي تلم بتركيا وسوريا جراء الزلزال المدمر يأتي موقف لبنان الصغير والمنهك والمضطرب كبيراً قوياً ثابتاً، فلبنان الذي يعاني انهيارا اقتصاديا منذ سنوات لم يدخر ما يمكن تقديمه لسوريا فأرسل شبابه في الدفاع المدني بآلياته المتاحة، وفتح كل معابره الجوية والبحرية أمام المساعدات التي تقصد سوريا المحاصرة. من جهة اخرى لم يتردد الرئيس المصري بالاتصال للرئيس السوري وتقديم التعازي وتأكيد التضامن في هذه الكارثة الانسانية الأليمة للشعب السوري. ولمصر الكثير من المواقف السياسية والانسانية التي لن ينساها شعبا سوريا واليمن تحديدا، بل وستُخلد بذاكرتهما التاريخية لأجيال وأجيال. اتصال السيسي بالأسد أعاد للذاكرة كيف انه في الوقت الذي اُغلقت المطارات أمام اليمني اللاجئ من سعير الحرب ظلت ابواب مصر مشرعة امامه، البلد الذي يعاني أزمة اقتصادية وازدحاما سكاني...

أخيراً ارتديت الألوان

بمجرد رؤيتي لبنان من نافذة الطائرة، ببيوته البيضاء ذات الأسطح القرميدية، تأكدت من إمكانية نزع العباءة السوداء وارتداء الجاكيت الأحمر. لطالما أحببت الألوان، أحب الأسود والألوان الأخرى، شعرت للحظة بانتصار ما لأنوثتي مع أنها مجرد ألوان لا غير. في بلدي، يُعدّ الأحمر لوناً مستفزاً. هذه اللحظة البسيطة كانت بمثابة المعركة الأخيرة في الحرب التي ظلت لسنوات تستعر في مخيلتي. بين الشعور بالإرباك، وكأنني أقدمت على خيانة عظمى، وشعوري بالنصر ضد هذا القيد النفسي قبل كل شيء، طمأنتني لا مبالاة الناس بي! مشيت بحرية في شوارع لبنان، فلا نظرات تلاحقني ولا اختلاف يستدعي انتباه أحد لي. العباءة لم تكن مشكلتي يوماً، بل على العكس أرى في بعضها أناقة وجمال، لكن أن تتحول العباءة من حقيقة كونها رداء يمثل ثقافة مجتمع وعاداته إلى رداء اختاره الله لنا، فهذا ما كان يُلهب الصراع داخلي. وكغيري، اعتقدت طويلاً أنه من المستحيل نزع هذا الساتر المقدس المرتبط بالدين والأخلاق والحق، وكأني في نزعه أنزع العفة والحشمة والشرف... ناهيكم عن إغضاب الله! كأنثى خُلقتْ في مجتمع يصف نفسه بالمحافظ، كانت الفساتين وخصوصاً الملونة من...

المرأة أكبر من الأرقام

في فيلم رعب.. توقفت المعلمة تراقب إمرأة (زومبي) تحمل مولوداً وترعاه.. كان الفريق الطبي يحاول الهرب فيما المعلمة الشابة التي نذرت حياتها لرعاية اطفال (الزومبيز) خاطرت بالبقاء للتأكد من أن ماتحمله المرأة الزونبي طفلاً حقيقياً.. مشهد يختزل عاطفة المرأة، التي تجعل منها كائن معجزة... أياً كانت.. الأم الزومبي.. اوالمعلمة الشابة.. المرأة هي الجزء الألطف في المعادلة الإنسانية.. معطاءة في كل مراحل حياتها، ببراءة طفولتها.. بشغف شبابها.. بنضجها.. وحتى بشيخوختها.. من منا لا تحتفظ ذاكرته بصور الجدة التي تحمي أحفادها.. ولا تبخل عليهم بالحكايات والعبرات والسمرات المضحكة؟ هناك أقوام قدست المرأة واتخذتها آلهة.. ورغم التسليع الحديث لكل المقدسات والقيم.. لا يجرؤ أي عاقل على البوح بأنه يختزل المرأة في قالب معين.. خصوصا حين تتوّج المرأة حياتها بالنضج.. بتجارب وخبرات الحياة.. بتراكم الوعي.. ان النظرة القاصرة للمرأة والتي تجردها من قيمتها ككائن انساني.. وتصورها وكأنها (عاجزة) في الأربعين!!! لا تنم إلا عن سطحية فكرية.. واغتراب عن الواقع.. هل يمكن تصور رجل سوي، يصف أربعينية -او غيرها- ...

تفجيرات عدن... من المستفيد؟

1 اغسطس 2019  العلاقات الإماراتية الإيرانية كانت جيدة حتى في ظل ماتسميه أبوظبي احتلال الجزر الثلاث.. العلاقات توترت بعد اشتراك الإمارات بالتحالف العربي والحرب على الحوثي.. وحتى بعد ذلك احتفظ البلدان بعلاقات اقتصادية تجارية واجتماعية جيدة.. اليوم تسعى أبو ظبي إلى عودة المياه لمجاريها وإبداء حسن النوايا تجاه طهران.. خصوصا بعد الاتفاق الأخير على التعاون المشترك لحماية أمن الملاحة البحرية للبلدين.. بعدها مباشرة يتم استهداف قيادات عسكرية جنوبية تابعة للحزام الأمني (51 شاباً جنوبياً حصيلة تفجيرين) وعودة لنشاط القاعدة في أبين!! يتبنى الحوثي تنفيذ الهجوم على قيادات عسكرية مدعومة من الإمارات تحت ذريعة عمالتهم للإحتلال!! تدعم الإمارات قوات الحزام الأمني وتمسك بزمام الجنوب.. لكن هل ترجح ذلك على مصالحها وأمن ملاحتها وعلاقاتها مع جارتها إيران؟؟؟ هل تصل حتى إلى قطع شعرة معاوية معها؟؟؟ بالطبع لا مثال: طيلة توترات العلاقات بين البلدين لم يصف مسؤول واحد او وسيلة إعلامية إماراتية طهران بالدولة المجوسية.. فيما قيادات الانتقالي والحزام الأمني عادة ما يصفون الحوثيين بأنهم عملاء للم...

فواز باعوم... الضمير الحي

في أربعينية فواز - 27 يوليو 2019 بعد أيام وأسابيع من التخطيط قررت الارتجال في الكتابة عن فواز حسن باعوم، فالكتابة عن شخصية بسيطة وعفوية صادقة كفواز، تستلزم القلق والحرص، وغالباً الشعور بالعجز. لقد ظُلم الرجل حياً، بجهل الكثير منا عن نضاله، موافقه، تضحياته، ربما يعود ذلك لشخصيته المتواضعة، البعيدة عن الغرور، او الساعية للشهرة، ولذلك أحاول التريث هنا في اختيار كلماتي عنه، خصوصاً وأني لم أشهد نضالات الحراك الجنوبي عياناً، والذي يعد فواز أحد أبرز رجالاته، لهذا قررت الحديث عن فواز الإنسان الذي خبرته. معه.. حتى البدايات لم تكن خاصة أول لقاء به لم يجر كما تجري اللقاءات الأولى عادة بين الناس، الحديث عن النفس والأنا لم يكن حاضراً، عرف عن نفسه باسمه وهويته الجنوبية، بلهجة الواثق، فمازحنا أحد الموجودين بتنبيه فواز "شفها دحباشية" صححتُ التهمة "جنوبية دحباشية"، مباشرة اتجه بالحديث عن شعب الجنوب قبل الوحدة، أخلاق ذاك الشعب، نظامه، رخائه، تعليمه وثقافته، واحترامه للقانون، تابع "كنتي عادك صغيرة ماتعرفي كيف كان الجنوب"، وبمقارنة مع المجتمع العماني، الذي يرا...

هنَّ... في ذكرى 14 أكتوبر

كل عام ونحن وبلادنا في خير وحرية وسلام واستقلال وسيادة.. لا يخفى على أحد أن المرأة اليمنية أدت دوراً أساسياً في الزخم السياسي الذي شهدته الدولة اليمنية في كل مراحلها.. وتعد ملكة سبأ مصدراً لفخر كل اليمنيين الرجال قبل النساء.. بالإضافة إلى ذلك، جاءت الملكة أروى التي صبّت اهتماماتها في البنية التحتية، وتعزيز مبادئ المدنية والعيش المشترك، وصنعت تحولاً تاريخياً مزدهراً في عهدها لا يزال يضرب به الأمثال حتى يومنا هذا. وفي العصر الحديث، ضربت المرأة اليمنية أروع الأمثال في النضال النسوي أمام الاستعمار والحكم الإمامي، إذ أسهمت في نجاح الكفاح المسلح، وخوض مختلف أشكال النضال السياسي. لقد شاركت المرأة في التنظيمات السياسية، وتصدّرت التظاهرات، وساهمت في قيادة الإضرابات، ونالت شرف الاستشهاد والاعتقال على أيدي سلطات الاحتلال والإمامة. وهناك العديد من الأسماء النسائية التي يزخر بها تاريخ اليمن النضالي، ناهيك عن أن المرأة اليمنية شاركت في صنع التحولات السياسية البارزة بعد التحرير والاستقلال، وحققت المنجزات في المجالات كافة، وتقلدت المناصب الرفيعة وشاركت في صنع السياسات العامة في الدولة والمجتم...

الفرد... حجر أساس التنمية

"الأسرة نواة المجتمع" من المسلمات البديهية التي يرددها الإعلام، ويدرسها التلاميذ في المدارس، والطلاب في الجامعات. لكنها شعار نظري لا تعمل حكومات العالم العربي لجعله واقعاً في خططها التنموية، ولا تزال هناك أصوات تنكر أولوية دور الأسرة في المجتمع عند حدوث نزاعات مسلّحة، فيقتصر النظر إلى الأسرة كضحية فقط، ويُهمل دورها كعامل من عوامل النضال السلمي ضد استمرار النزاع، ونشاطها الاجتماعي التكافلي، ومساهمتها في تحقيق التماسك وعملية البناء. في اليمن، وبعد 4 أعوام من حرب لم تثبت إلا أن الشباب كانوا وقوداً لها، لا تزال أقلام نخبوية ترمي إلى تقصير المجتمع في الحسم العسكري، من خلال امتناع الشباب للذهاب إلى ساحات القتال، تحت مبرر فرض السلام بالقوة. في المقابل، أرسلت العديد من الأسر أبناءها لنيل "الشهادة"، ولم يتحقق السلام بل تحقق الألم والقهر والكراهية بين أبناء الشعب الواحد. ربما قد يعدّ الحديث عن هذه الأفكار في ظل استمرار آلة القتل بحصد الأرواح حديثاً مثالياً، مقارنة بالحاجة الملحّة للمطالبة بتقديم المساعدات الإغاثية للمتضررين، ومعالجة الجرحى.. وما إلى ذلك، إلا أن الحد...