أخيراً ارتديت الألوان
بمجرد رؤيتي لبنان من نافذة الطائرة، ببيوته البيضاء ذات الأسطح القرميدية، تأكدت من إمكانية نزع العباءة السوداء وارتداء الجاكيت الأحمر. لطالما أحببت الألوان، أحب الأسود والألوان الأخرى، شعرت للحظة بانتصار ما لأنوثتي مع أنها مجرد ألوان لا غير. في بلدي، يُعدّ الأحمر لوناً مستفزاً. هذه اللحظة البسيطة كانت بمثابة المعركة الأخيرة في الحرب التي ظلت لسنوات تستعر في مخيلتي. بين الشعور بالإرباك، وكأنني أقدمت على خيانة عظمى، وشعوري بالنصر ضد هذا القيد النفسي قبل كل شيء، طمأنتني لا مبالاة الناس بي! مشيت بحرية في شوارع لبنان، فلا نظرات تلاحقني ولا اختلاف يستدعي انتباه أحد لي. العباءة لم تكن مشكلتي يوماً، بل على العكس أرى في بعضها أناقة وجمال، لكن أن تتحول العباءة من حقيقة كونها رداء يمثل ثقافة مجتمع وعاداته إلى رداء اختاره الله لنا، فهذا ما كان يُلهب الصراع داخلي. وكغيري، اعتقدت طويلاً أنه من المستحيل نزع هذا الساتر المقدس المرتبط بالدين والأخلاق والحق، وكأني في نزعه أنزع العفة والحشمة والشرف... ناهيكم عن إغضاب الله! كأنثى خُلقتْ في مجتمع يصف نفسه بالمحافظ، كانت الفساتين وخصوصاً الملونة من...