سالمين… “الزعيم الأسطورة”
يعجز القلم عن الكتابة عن رجل بحجم وطن، كانت مقولاته بحجم وطن، وكلّ عمل منفرد من أعماله بحجم وطن. لم أجد من يرى في نفسه التمّكن من إعطاء سالمين حقّه، قال لي أكثر من شخص، ممّن عرفه وعمل معه، “سيكون ذنباً فوق استطاعة التحمّل، سيكون ظلماً لسالمين إذا لم نوفّيه حقّه بعد كلّ هذا الصمت”. قرّرت جمع شهادات من عاش عهده، لنغوص في ذكرى فقدانه، بحثاً عن اليمن المسلوب من أفئدتنا، الغارق في بحر الأحقاد والدماء، ولنحيي وطنيّته، وحدويّته، إنسانيّته، تسامحه… عرفاناً لمن أحياها فينا، ذات عهد. الحازم المتواضع سالـم ربيّع علي الملقّب بـ”سالمين” (1935- 1978) الثائر البطل ضدّ الإحتلال، والزعيم الحاسم ضدّ الفساد، أطلق الروس عليه “ثعلب الصحراء”، وأطلق عليه أبناء بلده “المعلّم”. كان ذكيّاً، شجاعاً، مثابراً، حكيماً، رجل الدولة الشديد، وابن المجتمع الرحيم. كان رجل الإنسانية بسيطاً متواضعاً، لا يحبّ المراسم ولا البروتكولات المعقّدة، يبدأ يومه مبكّراً، قبل السادسة صباحاً، بزيارات ميدانية للمزارع والحقول، وموانئ الصيد، ثمّ يتّجه للرئاسة، “يقف عند البوّابة وينظر إلى ساعته، وعند التاسعة يبدأ بمنع الموظفين المتأخّرين...