التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ماذا يعني تشكيل "المجلس السياسي"؟

30-07-2016 
ظلّت أطراف صنعاء، ومنذ مغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الرياض، تطرح فكرة تأسيس مجلس رئاسي، بل وصرحت جهات رسمية ببحثها للمسألة جدّيّاً، كما تسرّبت أسماء لأعضاء المجلس المزمع إنشاؤه أكثر من مرّة، ولكنّها كانت تح�ل إلى مكبّ الشائعات، والتي يُعتقد أنّها كانت ممنهجة لممارسة الضغط تارة، ولقياس ردّ الفعل تجاهها تارة أخرى.
هذه المرّة، جاء تأسيس المجلس عمليّاً، وبشكل مؤكّد، ليحمل، وفق رؤية فريق الرياض، تصعيداً سياسيّاً يعني ضمناً الوقوف مع الخيار العسكري، ووضع نقطة نهاية السطر في سفر مشاورات الكويت، على الرغم من أن "أنصار الله" أشارت إلى أن لا علاقة لتشكيل المجلس بالمشاورات، ملمّحة إلى إمكانية التخلّي عنه في حال توافقت الأطراف اليمنية على أيّ حلّ سياسي.
ووصف مراقبون خطوة الجماعة وحلفائها بأنّها "ضربة معلم" تنقل للأطراف الخارجية عدّة رسائل، أوّلها أن سلطة الأمر الواقع في الداخل تمسك بزمام البلد، وأنّها ليست هي من سيخسر في حال فشلت المشاورات، وأنّها استطاعت إثبات قدرتها على إحتواء القوى السياسية في محافظات الشمال، وتكوين الكيان الضامّ لها، فيما فشلت السلطة "الشرعية" في المحافظات الجنوبية "المحرّرة" في أن تقوم بإجراء هي أولى أن تقوم به. 
وسيحرّر انضمام المؤتمر، بشكل رسمي، إلى كيان سياسي يمارس مهامّ سلطة الأمر الواقع، "أنصار الله"، من كمّ التهم التي تلحق بها في الكشف عن أيّ عملية فساد أو أخطاء تكتيكية في إدارة البلد، إذ إنّه، اليوم، لم تعد الدولة في يد الجماعة وحدها. ويتوقّع أن تتكثّف التشديدات الأمنية، وتتعزّز الإدارة الإقتصادية (مع رفد خزينة المركزي بحصّة مردود نفط الضبة)، بحسب ماتناقلته وسائل إعلام، لكن التنافس سيولّد توتّراً قد يصل إلى مواجهات بين أطراف الداخل، جراء عدم اتّساق الخبرة السياسية والعسكرية والإدارية لطرفي تحالف صنعاء. إلّا أنّه ستتمّ، بحسب محلّلين، السيطرة على الإختلالات التي ستحدث، ولن تتطوّر للحرب المتوقعة بين الأعداء السابقين (الحوثي- صالح)، إذ إن هذا ليس أوانها. 
في المقابل، طرف هادي، ومن ورائه "التحالف"، والذي اعتبر الخطوة مرآة لحالة "الصلف والغطرسة وعدم احترام الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي والدول الراعية لمشاورات السلام"، فمن المرجّح أن يعمد إلى تصعيد عمليّاته الحربية، بالتوازي مع تكثيف الغارات الجوّية، واستمرار الحصار الإقتصادي.
أمّا الجنوب المنقسم على ذاته، فستشتدّ فيه قبضة قوّات التحالف والسلطة المحلّية لتأمين مداخل المحافظات الجنوبية ومخارجها، خصوصاً وأن الشارع الجنوبي انبهر بالخطوة "الشمالية" ودعا قياداته إلى الحذو حذوها. كما لا يستبعد أن تصدر السلطة المحلّية قرارات مشابهة لتلك التي رحّلت أبناء المحافظات الشمالية قبل مدّة. ويتوقّع مراقبون، أيضاً، أن يصعّد الحراك من نشاطه، من خلال مسيرات ومظاهرات، تطالب إمّا باستعادة الدولة أو الإنضمام لمجلس "سلطة الأمر الواقع" بتقاسم منصف للسلطة والصلاحيّات. ولا يُستبعد أن يتطوّر الأمر إلى مواجهات مسلّحة، في حال نشوء تحالف حراكي حوثي، وفي هذه الحال، سيكون للشارع الجنوبي نصيب الأسد من نسبة الضربات والتدمير.
في كلّ الأحوال، يبدو الزمام ممسوكاً، حتّى الآن، من خلال التعاطي الدولي الهادئ مع خطوة تأسيس المجلس، وعلى عكس ما يلمّح له جانب الرئيس هادي، فإن تصاريح "أنصار الله"، البعيدة عن الإستفزاز السياسي، تشي بأن الأمر سيقتصر على أن يكون وسيلة ضغط فحسب، ترمي الكرة في ملعب "التحالف"، وتعطيه الفرصة في إظهار النوايا الحسنة تجاه القضية اليمنية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشفوت... شغف الإفطارات اليمنية ودرّتها

"الهريش"... ذائقة" اليمنيّين في "الأضحى"

مفاوضات الكويت: لا مكان للتّفاؤل؟