الإنتقالي بين "العسكرة" و"السياسة"


في مقطع فيديو لمقابلة بقناة أبو ظبي قال رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي
 رداً على سؤال المذيع فيما كان يعتبر جماعة "الحوثي" مكون سياسي ام لا؟، قال: إذا التحالف اعتبرهم كذلك فسنعتبرهم كذلك!
كان هذا الرد كافياً يظهر مدى التبعية وحالة اللاقرار الذي يغرق بها الزبيدي ومجلسه، كيف لمن يروج أنه "زعيم" ألا يتوانى قبل قوله ذلك؟
لقد أبلى الزبيدي بلاء حسن في معاركه ضد اجتياح الحوثي المحافظات الجنوبية، لكنه لم يكن سيقوى على ذلك لولا الإرادة الشعبية والسند الفردي والجمعي لكل ابناء المحافظات الجنوبية الرافضين وجود الحوثي، فضلاً عن دعم التحالف له كقائد عسكري يحقق خدمة للشرعية المعترف بها دولياً.
السياسي الواعي يدرك اسباب نجاحه، لا ينكر فضلاً، ولا يحقر معروفاً، ومعروف البسطاء الذين شاركوا بحياتهم ليحقق الانتقالي نصره العسكري ضد الحوثي يغرق الانتقالي وقياداته، ولا ينكره إلا جاحد.
لكن منذ إنقلابه على السلطة الشرعية بعد إقالته من منصبه كمحافظ لمحافظة عدن، والإنتقالي يرفع شعار الولاء وحفظ المعروف للخارج أكثر من ولائه وشعوره بالجميل لتضحيات أبناء هذا الشعب!! وكأن هذا الخارج قدم دعمه للزبيدي من أجل سواد عيونه وليس دعماً لدوره المناط به في إطار الشرعية، وإلى هذه اللحظة لم يعترف هذا الخارج ولا حتى شفهياً بقضية الزبيدي التي عاد يغنيها مع تأسيس مجلسه.
قيادات رفيعة من داخل الحراك وخارجه، ونخب سياسية رصينة قدمت النصائح تلو النصائح لاحتواء أخطاء الزبيدي والتي تحسب على شعب بأكمله، إذ كيف لشعب أن يعتد بكبريائه وكرامته إذا كانت قياداته مسلوبة القرار انفعالية السلوك جاهلة بمبادئ العمل السياسي تقبل على نفسها الظهور بمظهر لا يليق ولا يتوازى مع حضارة هذا الشعب وتاريخه.
تارة يضع الرجل علم دولة اجنبية على كتفه، ثم يرفعه في مكتبه، ثم يستمرئ سلب سيادة بلده من الشرعية ليمنحها دولة أجنبية!، فيخون كل الجنوبيين بما فيهم الأب الروحي للقضية الجنوبية، حسن باعوم، حتى أعضاء الانتقالي انفسهم الذين قدموا استقالاتهم بعد تكشف ضعف ووهن مبادئه، لم يسلموا من التخوين!
لا أظن مواطناً يتمتع بالقليل من بعد النظر، قد يختلف مع هذه السطور، فلا هي تحاملاً على الزبيدي ولا هناك اي مصلحة للإفتراء على الرجل، وانما هو تتبع لسير هذا المكون الذي استبشر به كثيرون في بادئ الأمر، انطلاقاً من أهمية وجود مكونات سياسية تحقق التكامل في عملية السلطة والمعارضة واستمرار النضال تحقيقاً لمطالب الشعب، لكن ما انتهى إليه "الانتقالي" حطم الآمال، فها هو اليوم عبارة عن "ميليشيا" تنتهج الإقصاء، وتطلق الأحكام بالتخوين، وتبرر الفوضى والعنف وقطع الكهرباء واستهداف المؤسسات الخدمية للضغط على الحكومة، وترفع السلاح في وجه الدولة والمعارضين في الداخل! ثم تستمرئ التبعية للخارج بهذا الشكل الفاضح!.
وأخيراً ليس عيباً أن يخطئ المرء ويظن أنه بحجم اللعبة السياسية الكبرى، خصوصاً مع مسؤولياتها وتعقيداتها وظلمها أحياناً كثيرة، لكن الإصرار على وضع الشيء في غير موضعه عمل الحمقى، ولا يقبل عاقل على نفسه أن يكون شيئاً يتم وضعه وتحريكه في ملعب ليس ملعبه، هو ليس سياسي، ولكنه قائد عسكري له من الحسنات ما لا تُنكر، ولكن أن يتمتع الأجنبي بحسناته فذاك أذم وأقبح السيئات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشفوت... شغف الإفطارات اليمنية ودرّتها

"الهريش"... ذائقة" اليمنيّين في "الأضحى"

مفاوضات الكويت: لا مكان للتّفاؤل؟